مجلة تربوية إلكترونية للنقاش والحوار في مواضيع تربوية اجتماعثية، ثقافية، صحفية

الأربعاء، 19 مارس 2008

التخليق والإصلاح في مجال التربية والتكوين ، أية علاقة؟

عرف مجال التربية والتكوين بالمغرب، منذ الاستقلال إلى صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين، تجربة مجموعة من المشاريع الإصلاحية ، انصبت على مختلف مكونات المنهاج وتوخت تحقيق غايات وطنية ، تستهدف إعداد أجيال قادرة على تحمل المسؤولية ، في خضم التحولات العالمية المتسارعة، متشبعة يقيم الهوية الوطنية والإسلامية والقومية دون انغلاق على الذات.
وانصبت المشاريع الإصلاحية التربوية على كل مكونات المنهاج، انطلاقا من تقييم النتائج المحققة، واستجابة، كذلك، للأصوات المنادية، من حين لآخر، بضرورة إصلاح المجال التربوي، ثم أيضا رغبة في تكييف النظام التربوي مع التحولات والمستجدات التربوية والاجتماعية الوطنية والدولية।
وإذا كان من الصعب تجاهل بعض الأهداف التي تم تسجيلها على هذا المستوى، والمتعلقة اساسا بتكوين الأطر بالعدد
الكافي، في مختلف المجالات تقريبا، على الأقل على المستوى الكمي، فإنه من الصعب كذلك أن نقول إن النظام التربوي المغربي استطاع ، حتى الآن، أن يضع سيسة تعليمية، تنبثق من واقع المجتمع المغربي، وتراعي ضرورة التلاؤم والانسجام بين نوعية التكوين ومتطلبات الاقتصاد والمجتمع المغربي।ا
هذا جانب، أما الجانب الآخر، والذي يعتبر المحور الأساسي في هذا الموضوع، والذي لا يمكن إغفال تأثيره على المردودية التعليمية، وهو ما يتعلق بتخليق الممارسة في هذا القطاع الاجتماعي الحيوي،وتنقيته من بعض السلوكات والممارسات الدخيلة عليه ،مؤخراوالتي لم يكن يعرفها من قبل، إذ ظل مجالا يؤسس لثيم تربوية وأخلاقية وطنية نبيلة، هدفها تلقين أجيال الغذ التراث الوطني، وتسليحها يثقافة العصر وعلومه।فقد انعكست الأزمة الاجتماعية والاقتصاديةعلى هذا القطاع بدوره، فأخذت تتسرب غليه سلوكات، وإن كانت ما زالت محدودة بين أفراد قلائل، لكن إذا لم تحاصر فمن الممكن أن تتفاقم، لا قدر الله وتؤثر سلبا على مردودية المتعلمين। ويمكن أن أشير إلى بعض هذه المظاهر:
* ظاهرة الغش:
حيتتكاد هذه الظاهرة أن تصبح الآن ، في مؤسساتنا سلوكا عاديا، بسبب انتشارها الواسع بين جمهور المتعلمين ، في كل المستويات التعليمية، مما يستوجب تفعيل صرامة القانونلزجر المخالفين، وحماية رجال التعليم من عواقب ما يقوم به في حقهم من يمارس هذه الظاهرة الغير التربوية والغير أخلاقية ، من التلاميذ ، كما أن من بين أسبابها كذلك طبيعة البرامج الدراسية الحالية ونظام التقويم التربوي السائد।
* الساعات الإضافية الخصوصية:
وأقصد بها أساسا، تلك التي يقوم بها بعض المدرسين لصالح تلاميذ يدرسونهم في التعليم العمومي، حيث تكاثرت هذه الظاهرة مؤخرا، في بعض المواد العلمية بالثانوي، بل حتى بالتعليم الأساسي، فالجانب اللا تربوي في هذه العملية ينتج عنه انتفاء النزاهة والموضوعية والمصداقية اللازمة في تقويم مكتسبات التلاميذ، حيث لابد أن يميل الأستاذ تجاه التلاميذذذ الذين ينخرطون معه في الدروس الخصوصية ، على حساب مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع، الذي يجب أن يسود في الفصل।ثم إن ذلك السلوك أيضا يولد نوعا من عدم الثقة في نزاهة الأستاذ، ونوعا من النفور من دروسه لدى باقي التلاميذ।
* الغياب المتكاثر والشواهد الطبية المفتعلة:
إذا كان رجال ونساء التعليم، يوصفون بجديتهم وتفانيهم في العمل، في جو من نكران الذات والغير الوطنية ، والرغبة في تحقيق تقدم بلادهم وتطورها، فإنه ، مع الأسف الشديد، أصبحنا في الآونة الأخيرة ، نلاحظظهور بعض من يغرد خارج هدا السرب، فأصبحت ترى، وخاصة في القرى والبوادي، ظاهرة الغياب المتكرر لرجال ونساء التعليم، لأسباب واهية، كما تكاثرت كذلك، في كل المؤسسات التعليمية ، ظاهرة الشواهد الطبية المفتعلة ، والتي يلجأ إليها البعض ، دون أن يكون في حاجة إليها، مما يؤثر سلبا على المردودية التعليمية لأبنائنا।
هذه ، إذن، نماذج فقط من بعض المظاهر اللا تربوية ، في واقعنا التعليمي ، أوردناها، رغم قلتها ومحدوديتها، بالمقارنة بما يبذله رجال ونساء التعليم الشرفاء ببلادنا من جهود وتفان لأداء رسالتهم التربوية النبيلة، نتمنى أن يتم اجتثات هذه المظاهر الفاسدة من مؤسساتنا التعليمية، من أجل المحافظة لهذا القطاع الاجتماعي الحيوي على إرثه الأخلاقي، وحسه الوطني ، ونبله المعهود।
ميلود بكريم: باحث في مجال التربية

ليست هناك تعليقات: